الرئيس الموريتاني يدعو إلى «عمل عربي مشترك» لمواجهة الإرهاب خبير: فراغ السلطة بعد الربيع العربي ملأه الإرهاب والتطرف

قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، (الاثنين)، في خطاب ألقاه أمام جامعة الدول العربية، بالعاصمة المصرية القاهرة، إنه من أجل استعادة الأمن والاستقرار في الفضاء العربي والانتصار على الإرهاب والتطرف، «لا غنى عن تطوير عمل عربي مشترك وفعال».

 

ولد الشيخ الغزواني كان في زيارة صداقة وعمل إلى مصر، أجرى خلالها مباحثات مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وزار جامعة الدول العربية حيث ألقى خطاباً بصفته رئيساً لموريتانيا، ولكن أيضاً بصفته الرئيس الدوري لمجموعة دول الساحل الخمس، المنظمة الإقليمية التي تضم، بالإضافة إلى موريتانيا، كلاً من النيجر وتشاد وبوركينا فاسو، وتهدف إلى «محاربة الإرهاب وتحقيق التنمية».

 

وفي سياق حديثه عن الأمن في المنطقة العربية، قال ولد الشيخ الغزواني: «لا غنى لنا كدول عربية عن جامعة الدول العربية، وتطوير عمل عربي مشترك فعال، إذا أردنا استعادة الأمن والاستقرار في فضائنا العربي، والانتصار على الإرهاب والتطرف، والتأسيس لتنمية شاملة ومستديمة».

 

وأضاف ولد الشيخ الغزواني أن الخطوة الأولى على هذا الطريق «تتمثل في إسكات صوت السلاح في عموم وطننا العربي»، معرباً عن مساندة بلاده «لكل الجهود العربية والدولية الهادفة إلى حل النزاعات القائمة في اليمن وسوريا والسودان وليبيا، على النحو الذي يضمن لهذه الدول وحدة وسلامة أراضيها، ويضمن حق شعوبها في الاستقرار والأمن والنماء».

 

وأوضح الرئيس الموريتاني أن الأزمات الأمنية والبيئية والاقتصادية تؤثر على «أنسجة الدول العربية الاقتصادية والاجتماعية»، ووصف هذه الأزمات بأنها «وثيقة الترابط حيث يغذي بعضها بعضاً بطريقة هدامة، لذلك يجب التعامل معها عبر مقاربة شاملة».

 

واستعرض ولد الشيخ الغزواني استراتيجية موريتانيا في مجال محاربة الإرهاب، بالإضافة إلى العمل المشترك الذي يتم بين دول الساحل في إطار ما قال إنه «مكافحة التطرف واجتثاث جذور الفقر»، على حد تعبيره.

 

وتعليقاً على دعوة الرئيس الموريتاني لتعزيز العمل العربي المشترك من أجل القضاء على الإرهاب والتطرف، قال عبد الصمد مبارك، رئيس مركز الأطلس للتنمية والبحوث الاستراتيجية والأستاذ بجامعة نواكشوط العصرية، إنَّ «الواقع العربي اليوم يعيش تدهوراً كبيراً فيما يتعلق بالعمل العربي المشترك، ومن الطبيعي أن تنطلق نداءات ومبادرات متعددة في هذا السياق».

وأوضح مبارك في حديثه مع «الشرق الأوسط» أنه من الطبيعي أن ينادي الرئيس الموريتاني بجمع الشمل العربي ومعالجة الإشكالات العربية الراهنة، وقال: «إنَّ خطاب رئيس الجمهورية أمس أمام جامعة الدول العربية، ينطلق من المقاربة الموريتانية ثلاثية الأبعاد لمعالجة إشكالات الأمن والتنمية بصفة عامة».

 

وقال الأستاذ الجامعي الموريتاني إنَّ خطاب ولد الشيخ الغزواني «يتضحُ فيه أن الرئيس الموريتاني قرر أن يلقي بقوته، وبالمكانة الدبلوماسية والسياسية لموريتانيا، من أجل إطار عربي مشترك يحقق الأمن والتنمية على مستوى جامعة الدول العربية، وعلى مستوى المنظومة العربية»، وأضاف الأستاذ الجامعي أن هذه المنظومة «تعيش ركوداً في ظل متغيرات عالمية لا شك أنها ستؤدي إلى اضمحلال الثنائية القطبية، لتحل محلها منظومة عالمية جديدة، من الضروري أن يجد العرب فيها مكانتهم، وذلك لن يتم إلا بمعالجة الاختلالات التي يعاني منها العمل العربي المشترك».

 

وأشار الأستاذ الجامعي الموريتاني إلى التأكيد على أن «البلدان العربية التي تعاني من انعدام الأمن والاستقرار، هي في الحقيقة تعاني من أزمة حكم؛ لأنه بعد سقوط الأنظمة المركزية خلال ما عرف بـ(الربيع العربي)، لم تتجسد سلطة مركزية رغم كل الجهود التي بذلت، وبالتالي امتلأ فراغ السلطة بالإرهاب والتطرف والخروج على الشرعية».

 

وخلص عبد الصمد مبارك إلى القول إن الرئيس الموريتاني حين أكد أن الدول العربية «لا غنى لها عن الجامعة العربية»، كانت قناعته واضحة بها كإطار «حين ينهض، فهو قادر على معالجة كل الإشكالات العربية».

 

وكان قادة الدول العربية قد أكدوا أهمية تعزيز العمل العربي المشترك، في ختام أعمال الدورة العادية الثانية والثلاثين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة التي انعقدت شهر مايو (أيار) الماضي في مدينة جدة، بالمملكة العربية السعودية، وهي القمة التي صدر عنها «إعلان جدة» الذي حدد أسساً جديدة ينبني عليها العمل العربي المشترك، ومن أهمها «المصالح المشتركة والمصير الواحد».

7 June 2023