الكفاءةالمعيقة والمعاقة (الجنود الخلفيون في الإدارة)/محمد الأمين ولد سيدي مولود

 

من الملاحظة أن أغلب الإدارات في موريتانيا وفي مختلف القطاعات تقوم على أفراد قليلي العدد ذوي كفاءة حسنة أو جيدة أو مقبولة، يمتازون بالتفاني في العمل وحبه، ويشتركون في ظروف منها كثرة الدوام اليومي (بعضهم يداوم 12 ساعة يوميا في أغلب أيام العمل، وقد يتم استدعاؤه أثناء عطلة الأسبوع وفي الليل) ومنها مشقة العمل وصعوبته وكثرة الواجبات والأوامر، وقلة المساعدين، ومن ظروف هؤلاء الجنود الخفيين صعوبة واقعهم المادي، فدخل أغلبهم لا يتناسب مع حاجتهم ولا مع مردوديتهم، وأهم ما يُختصون به هو كثرة الضغط من رؤسائهم والاعتماد عليهم في كل شيءٍ. كما أنهم مجهولون تقريبا للرأي وبذلك تغيب الجوانب المعنوية في مكافآتهم لتنضاف إلى الظروف المادية. وفي حالات نادرة تتم مكافأة بعضهم بتوشيحات صورية، أصبحت مميعة بكثرة من يضايقهم فيها من المجامَلين زبونيةً ومجاملة!!

غير أن أغرب ظروف هؤلاء القوم، العصب الحقيقي لكل الإدارات، أن كفاءاتهم وتفانيهم في العمل يصبح عائقا لهم أمام الترقيات والتعيينات، فرؤساؤهم يريدونهم إلى جنبهم دائما أو في مواقع " لا يمكن أن يعوضهم أحد فيها" بدل السعي لهم ليصبحوا في مواقع أهم، فتصبح الكفاءة هنا معيقة لصاحبها، ويصبح التفاني في العمل موجبا للبقاء في نفس الظروف بدل الترقية إلى الأفضل. كما أن الظروف المادية وحتى اللوجستية في العمل غير جيدة فتصبح الكفاءة بذلك معاقة، فهي إذن كفاءة معيقة معاقة!!

الحل لا يمكن تسطيره في تدوينة واحدة، كما أنه يحتاج تشخيصا أعمق وأكثر تفصيلا، ويحتاج الإرادة من الجهات العليا في كل قطاع ومن رؤساء العمل في كل إطار، غير أن أي جرد بسيط وجدي للأشخاص الجادين في كل قطاع من ذوي المردودية والمواظبة يعطي صورة عن الجنود الخلفيين الذين تقوم عليهم هذه القطاعات، كما أن رؤساء كل قطاع وإدارة يعرفون فعليا من يأمرونه يوميا من عناصرهم أكثر من مرة للقيام بالأعمال الهامة ومن يسندون إليهم أهم ملفاتهم وأصعبها وبشكل دائم، ولم يبق إلا حصول الإرادة بمكافآتهم بما يناسب كفاءاتهم وتفانيهم في عملهم وأدائهم المنتظم والمستمر.

9 February 2022