أزمة الموالاة (2) : أحزاب الأغلبية / محمد افو

جل ما سأتحدث عنه في هذه العجالة منطبق بشكل أوسع على كل الأحزاب ، لكن أحزاب الأغلبية خلقت بيئتها السياسية الخاصة من خلال قيمة معنوية يمكن أن نطلق عليها "سياسة الكعكة" .

جل ما سأتحدث عنه في هذه العجالة منطبق بشكل أوسع على كل الأحزاب ، لكن أحزاب الأغلبية خلقت بيئتها السياسية الخاصة من خلال قيمة معنوية يمكن أن نطلق عليها "سياسة الكعكة" .

نتائج الإنتخابات الرئاسية الموريتانية في 29/6/2024 هي حصاد ليس ككل الحصادات، على مر تاريخ البلد، إنها حصيلة تراكمات من تولفة من أنظمة سابقة، اتخذت من اصطياد الخصوم فلسفة للرضا على حساب محاربة الفساد و التشغيل والتصنيع والإعتناء بالعمال والتقرب من الطبقة الكادحة عن طريق تخفيض الأسعار ،وعدم مجاراة الظروف الدولية بعد أن زالت تداعيات جائحة كورونا و تجاوزت الحرب الروسية _ الأوكرانية مخلفاتها عالميا .

بعد أيام قليلة ستبدأ مأمورية رئاسية جديدة، تختلف عن كل المأموريات التي سبقتها، سواء منها المأمورية المنتهية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، أو مأموريات الرؤساء السابقين، فالمأمورية القادمة ستكون بإذن الله أول مأمورية للشباب، أي أنها ستكون مأمورية بالشباب ومن أجل الشباب.
فماذا تعني لنا في "منتدى 24 ـ 29 لدعم ومتابعة تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية" مأمورية الشباب القادمة، وماذا نتوقع أن يتحقق فيها لصالح الشباب الموريتاني؟

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من ذنب أجدر أن يعجّل لصاحبه العقوبة مع ما يدخر له، من البغي، وقطيعة الرحم". رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني. وتدور معاني البغي في حزمة من المنكرات منها الظلم، والكبر، ومجاوزة الحدّ، والاستطالة على الناس.
والبغي مذموم والباغي مذموم مدحور مرفوض في مجتمعه حتى في الجاهلية.. "ولكن الفتى حمل بن بدر بغى والبغي مرتعه وخيم!"

أسدل الستار على الانتخابات الرئاسية يونيو 2024، وقد جرت هذه الاستحقاقات في ظروف جد مرضية حيث تنافس سبعة مرشحين بحرية تامة وسخرت لها الدولة الإمكانيات الضرورية دون أن يلاحظ أي تقصير أو خلل.
طيلة الحملة الانتخابية لم يصدر عن أي مرشح ما يخدش الذوق العام أو عبارات نابية تجاه أي طرف.

يعتقد جل الموريتانيين أن كل الأزمات في بلادنا تعود لأزمة جامعة وهي أزمة السلطة .
لكن الحقيقة تقبع خلف ظهورنا تماما ، فالأزمة تقوم على بعدين أحدهما سياسي والآخر اجتماعي .
وسأتطرق هنا لبعدها السياسي حصرا وفي جزئية منه تتعلق بقيمنا السياسية التي نصدر عنها .
اعتقد أن مأمورية الرئيس غزواني لن تواجه صعوبات تتعلق بالثروة ولا بإدارة هذه الثروة ، وإنما في صعوبة البحث عن الشياب الذين راهن عليهم في حملته وجعلهم شعارا لمأموريته .

حقيقة لا أعرف من أين أبد ولا ما أقول عن رجل فيه الكثير مما يقال.
حصل لي شرف التعرف عن قرب على العميد محمد فال ولد عمير أبي، إبان إدارته الرشيدة للوكالة الموريتانية للأنباء، وعملت تحت إدارته المباشرة مع كوكبة من الشباب على تأسيس مشروع قطاع الإعلام متعدد الوسائط.
لم يكن ولد عمير مديرا فحسب؛ بل كان لنا أبا حنونا وأخا ودودا وصديقا مرحا، وأستاذا معلما، كان عنوانا للتفاني والانفتاح، كان حريصا على إقناع طاقمه بأفكاره بدل إملائها عليهم.

ولى الزمن الذي كان فيه كرسي الحكم ببلاد شنقيط يتم الاستيلاء عليه بواسطة الانقلابات العسكرية وصراعات كبار ضباط الجيش، لتتحول الأجواء العسكرية التي كانت مخيمة إلى أجواء سياسية يتم فيها التداول على السلطة بشكل سلمي حضاري مبني على الشرعية والامتثال للقواعد الدستورية.
