العام الجديد.. والأسئلة الملحة!

ثمة أسئلة راهنة يطرحها الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي للبلد تتطلب أجوبتها قدرا من التبصر في ظل التحضير لانتخابات رئاسية لمّا تتضح معالم المنافسة فيها بعد ،
أول هذه الأسئلة وآكدها هو ملء "الفراغ الاستراتيجي " الذي خلفه نزيف التقاعد لأغلب أطر وكوادر البلد بشقيه الموالي والمعارض ، وهو فراغ حاول النظام الحالي تفاديه في 2019 من خلال تمديد سن التقاعد وبعث الروح من جديد في رموز المعارضة التقليدية بعد أن أبعدتها صناديق الاقتراع ،
ينبثق عن هذا السؤال المصيري مشهد النخب الشابة المُتوثبة لخدمة بلدها والتي بدأت تلج الإدارة ومراكز السياسة وصناعة الرأي تساندها في ذلك وسائط التواصل الاجتماعي التي أفرزت سيولة في النقد وممارسة لحرية التعبير ،لكنها مازالت بحاجة إلى إعادة تأهيل وفهم ميكانيزمات المجتمع وحقائقه التي لايمكن القفز عليها،
إنها صعوبة كبيرة ستواجه النظام تتمثل في إيجاد أرضية مشتركة يتم فيها تسليم الراية دون ضجيج بين جيلين وزمنين مختلفين،
السؤال الثاني الأهم هو ماذا تحقق في المأمورية المنصرمة عوضا عن سردية التهدئة ومحاكمة العشرية، يبدو أن الإنجازات الملموسة القابلة للتسويق السياسي خافتة فضلا عن تبعات الأزمة الاقتصادية التي خلفتها كورونا وتفاقم ظاهرة هجرة الشباب بالإضافة إلى تأجيل حسم ملفات هامة مثل الحوار الوطني والميثاق الجمهوري، ثالث الأسئلة الملحة هو " موت السياسة " في هذا البلد من خلال خفوت الحوارات العامة وغياب سخونة السجال الحزبي، والهجرة " غير الشرعية" لأجيال المعارضة التقليدية إلى ضفة النظام بحيث فُقد التوازن بين كفتي المعارضة والموالاة، وتسبب في تشتت جهود الأغلبية وتعدد رؤوسها، وبروز معارضات منفلتة قد تتخذ أشكالا من التعبير السياسي غير المعقلن في ظل تفشي الخطاب الشرائحي والمناطقي.
إن التحضير الجيد لاستحقاقات 2024 ينبغي أن ينطلق من فكرة " الاستمرارية" من خلال رسم خارطة طريق مكتملة ذات أهداف بعيدة قابلة للتنفيذ.