منصة “عين” تنتصر للحق وتعيد الأمل لسائقي الشركة الوطنية لتوزيع الأسماك

شكرا من القلب لمنصة عين، ولمن وقف خلفها من أبناء هذا الوطن الحريصين على نقل هموم الناس بصدق وتجرد. لقد أثبتت هذه المنصة أن الإعلام حين يكون منحازا للمظلوم، نزيها في الطرح، صادقا في المقصد، يمكن أن يحدث فرقا حقيقيا في حياة الناس. وهذا ما حصل فعلا في ملف سائقي الشاحنات الكبيرة بالشركة الوطنية لتوزيع الأسماك، الذين طالما طرقوا الأبواب، وانتظروا سنين طويلة أن تستجيب شركتهم لحقهم المشروع في الترسيم والكرامة المهنية.

لقد كانت المنصة جسدا واحدا مع هؤلاء السائقين، أوصلت صوتهم إلى حيث ينبغي أن يسمع، وتابعت شكواهم بكل مهنية وجدية حتى جاء الرد المنتظر. فقد أكدت الشركة في توضيحها، عبر منصة عين، أن السائقين كانوا مرتبطين بعقود خدمة لا تضمن الحد الأدنى من الحقوق، لكنها في المقابل عبرت عن استعدادها لتحسين وضعيتهم والتنسيق مع الجهات المعنية لإيجاد حل نهائي لمشكلتهم. بل وأكثر من ذلك، فقد بدأت بالفعل بخطوات عملية أولى نحو ترسيمهم، من خلال جمع نسخ من بطاقات تعريفهم، تمهيدا لما يتطلع إليه الجميع: توقيع عقود دائمة تضمن الضمان الصحي وحق التقاعد، وتؤسس لعلاقة مهنية مستقرة وعادلة.

هذه الاستجابة ليست مجرد إجراء إداري، بل هي لحظة ميلاد جديدة بالنسبة لهؤلاء السائقين وأسرهم، الذين ظلوا مؤمنين رغم الإهمال الطويل أن شركتهم لن تخيبهم، وأن الدولة التي يرأسها فخامة رئيس الجمهورية، والتي يوجه فيها الوزير الأول بتسوية أوضاع عمال المؤسسات العمومية، لن تتخلى عنهم. وكانوا على حق.

نعم، إن ما حدث اليوم يؤكد أن العدالة ممكنة، وأن الصوت الحر حين يستخدم لنصرة الحق، يجد طريقه في النهاية إلى صناع القرار. وهذا ما يدعونا جميعا إلى تثمين الدور المحوري الذي قامت به منصة عين، التي لم تكتف بالنشر والمتابعة، بل كانت شريكا حقيقيا في الوصول إلى هذه النتيجة المشرفة، والتي نأمل أن تكتمل قريبا بتوقيع العقود الدائمة دون تأخير.

كما لا يفوتنا أن نشكر إدارة الشركة الوطنية لتوزيع الأسماك على تفاعلها واستعدادها لإيجاد حل دائم لوضعية هؤلاء العمال، ونتمنى أن تستكمل هذه الإجراءات بأقصى سرعة، وأن تصبح هذه الخطوة نموذجا يحتذى به في باقي المؤسسات الوطنية، التي لا تزال تحتفظ داخلها بفئات واسعة من العمال المؤقتين، ممن أفنوا أعمارهم في خدمة وطنهم دون أن تحترم حقوقهم أو تحسم أوضاعهم.

كلمة أخيرة، نوجهها لكل من يقف اليوم في موقع القرار: إن كرامة العامل ليست خيارا، بل هي ركيزة من ركائز الدولة العادلة. وإن الترسيم ليس ترفا إداريا، بل هو اعتراف بإنسانية هؤلاء الجنود المجهولين، الذين لولاهم لما تحركت عجلة الإنتاج ولا استمرت الخدمة العامة.

العدالة لا تنجز دفعة واحدة، ولكنها تبدأ بخطوة. والخطوة بدأت، فلتلحقها بقية الخطوات سريعا، وليكتب لهذه اللحظة أن تتحول من بادرة إلى عادة، ومن استثناء إلى قاعدة راسخة في كل مؤسسات الدولة.

بوركت كل يد امتدت لتنتصر للضعفاء، وكل صوت صدح لنقل الحقيقة، وكل ضمير لا يزال حيا في زمن التصحر الإنساني.

عن سائقي الشاحنات الكبيرة في شركة توزيع الأسماك: مراد أحمد

تلفون : 22635253

29 July 2025