جهود أممية إفريقية أوروبية مكثفة لوقف إطلاق النار في السودان

تتصاعد الدعوات الدولية والإقليمية لوقف الحرب في السودان، وسط تصاعد غير مسبوق في العمليات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خصوصًا في مناطق كردفان ودارفور. تأتي هذه الدعوات في ظل مخاوف متزايدة من تفاقم الأوضاع الإنسانية والسياسية في البلاد، ودعوات ملحة لبدء مفاوضات سلام شاملة تضع حدًا للنزاع المستمر منذ أكثر من عام ونصف.
وفي ختام الاجتماع الثلاثي السادس بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، والذي عُقد على هامش فعاليات الدورة الـ88 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، جددت هذه الجهات التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار فوراً والاتجاه نحو حل سياسي شامل. وأكد البيان الختامي أهمية تعزيز الشراكة بين هذه المؤسسات لدعم جهود السلم والأمن في القارة الإفريقية، في ضوء أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.
ولم يقتصر الاجتماع على السودان فحسب، بل تناول أيضًا الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل، التي تشهد حالة متصاعدة من عدم الاستقرار، مشددًا على ضرورة دعم جهود المصالحة والتنمية المحلية في تلك المناطق، باعتبارها ركيزة أساسية لتحقيق الاستقرار الشامل.
وفي سياق متصل، أشار المشاركون إلى التحضيرات الجارية لقمة التعاون الإفريقي – الأوروبي المقررة في أنغولا في نوفمبر /تشرين الثاني المقبل، مؤكدين أن التمويل يبقى أحد التحديات الرئيسة التي تتطلب تضافر الجهود، من خلال تنفيذ كامل لاتفاقية إشبيلية، والتي تتضمن تعزيز الاستثمارات وتخفيف أعباء الديون، إلى جانب إصلاح مؤسسات التمويل والتنمية متعددة الأطراف.
ورغم هذه المساعي الدولية والإقليمية، تظل الأوضاع على الأرض في السودان متدهورة، حيث تشهد مناطق دارفور وكردفان تصعيدًا عسكريًا لم يسبق له مثيل. وتواصل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تبادل العمليات القتالية، مما أدى إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين وتدمير البنى التحتية الحيوية، مما يعمق من الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
وفي هذا السياق، أبدى مسؤولون في الجيش السوداني، وعلى رأسهم قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان، مواقف تصعيدية تشدد على الحسم العسكري كخيار لحل الأزمة. وقد أثارت هذه التصريحات المخاوف من تعقيد فرص التوصل إلى حلول سلمية، إذ يرى مراقبون أن التأكيد على الحل العسكري يبعد شبح التفاوض ويزيد من احتمالات تفاقم النزاع.
وفي ضوء هذا الواقع المعقد، تبرز الحاجة الملحة إلى تدخل دولي فعال يدفع الأطراف المتصارعة إلى طاولة الحوار، ويعزز من فرص التوصل إلى اتفاق سلام شامل يضمن وقف إطلاق النار ويعيد الأمن والاستقرار إلى البلاد. ويعتبر ذلك أمرًا حيويًا ليس فقط للسودان، بل لمنطقة القرن الأفريقي بأسرها، التي تتأثر بشكل مباشر بتداعيات النزاع.
وعلى صعيد المساعدات الإنسانية، تحذر المنظمات الدولية من تفاقم الأزمة، حيث يعاني ملايين المدنيين من انعدام الأمن الغذائي، وغياب الخدمات الصحية الأساسية، إضافة إلى موجات نزوح واسعة من مناطق الصراع. وتؤكد التقارير أن استمرار القتال سيزيد من معاناة السكان ويعوق وصول المساعدات إلى المناطق الأكثر تضرراً.
وبينما تتوالى جهود الوساطة الإقليمية والدولية، يبقى التساؤل حول مدى استعداد الأطراف السودانية لقبول حلول سياسية، خصوصًا مع استمرار التصريحات العسكرية المتشددة، والتي لا تعكس رغبة واضحة في التهدئة. وتتزامن هذه الحالة مع توقعات بأن تكون قمة أنغولا فرصة حاسمة لتقديم دعم دولي ملموس يعزز فرص السلام والاستقرار في السودان.
وفي الختام، لا تزال السودان تواجه مفترق طرق حاسم، بين مزيد من الحرب والدمار أو بداية صفحة جديدة من السلام السياسي الشامل. والمجتمع الدولي والإقليمي مدعو اليوم إلى إظهار تصميم أكبر لدعم هذه المساعي، وتحمل مسؤولياتهم في دفع الحوار الوطني قدماً، لضمان مستقبل أفضل لشعب يعاني منذ فترة طويلة من ويلات النزاع.
المصدر: https://www.middle-east-online.com/%D8%AC%D9%87%D9%88%D8%AF-%D8%A3%D9%85...
