خطاب الرئيس ...السياق والٱفاق!

وضع خطاب رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في 24 مارس الجاري بمناسبة حفل تخرج الطلبة الإداريين، إشارة استفهام قوية حول العراقيل التي تمنع رئيسا حاكما يمتلك من الصلاحيات والوسائل مايمكنه من التخلص من كل ما من شأنه أن يُعيق تطبيق برنامجه ورؤيته للحكم وإدارته لشؤون الدولة.
والمفارقة أن الخطاب الذي ركز على انتقاد أداء الإدارة وضرب أمثلة من واقع ملموس ومعاش، سبقته خطابات و " غضبات" للرئيس حول أداء بعض طاقمه الحكومي والتباطئ الملاحظ في إنجاز المشاريع الهامة التي تدخل ضمن برنامج تعهداتي، وشكلت على إثر ذلك الامتعاض لجنة على مستوى الرئاسة لمتابعة المشاريع وتقييم المنجز منها، ومع ذلك ماتزال وتيرة أداء نفس القطاعات على حالها إن لم تكن تراجعت للأسوء حسب خطاب رئيس الجمهورية الأخير.
إن رئيس الجمهورية بوصفه المسؤول الأول في البلد لايتحدث من فراغ وتعليماته وملاحظاته يجب أن تأخذ على محمل الجد خصوصا إذا كانت في صميم العمل الإداري وتطوير الحكامة، وكان السياق السياسي والإقتصادي والاجتماعي الذي جاءت فيه يتسم بكثير من الفتور والارباك والإحباط المعنوي، وضعف الأداء الحكومي وتيه الحاضنة السياسية للأغلبية التي أفرغت من محتواها وتراجع أداؤها نتيجة هيمنة " وافدين جدد" لايُحسنون التغريد من داخل السرب، هذا مع الجفاف الماحق وغلاء الأسعار وغياب المساواة في الفرص وانتشار البطالة في صفوف الشباب وإغلاق أبواب التشغيل في وجهه من خلال زيادة سن التقاعد، لكن الأسئلة الملحة التي تنتظر إجابة عاجلة، من هم الذين عناهم الرئيس بضعف الأداء؟ و لماذا لايتم التخلص منهم إذا كانوا فعلا يعيقون تطبيق برنامجه؟! ولماذا لايتخذ إجراء عقابيا ضدهم إذا كان يمكنه ذلك بجرة قلم؟ ولماذا الاستجداء وطلب الاستقالة في كل مرة ؟!
إن الآفاق التي فتحها خطاب 24 مارس لدى الشعب ونخبه عامة وما أفرزته من انتعاش للآمال من جديد في أن يُخرج الرئيس عصاه السحرية لتغيير واقع البلد والتخلص من كل الفاشلين الذين أثبتوا عجزهم ولم يستطيعوا مواكبة الركب، وفي أخذ زمام المبادرة السياسية والإدارية من خلال التمكين لرجال الدولة و الأطر النظيفة ذات المصداقية اجتماعيا ومناطقيا وتمتاز بالروية والأناة ومستعدة لخدمة الجمهورية، وبذلت الغالي والنفيس في تثبيت أركان حكم رئيس الجمهورية، كلها ستتبخر ويحل محلها الإحباط واليأس إذا لم تشفع بإجراءات ملموسة تضرب بيد من حديد وتُعيد للحكم هيبته ونضارته، وتُشعر المواطن بأن له رئيس يحميه، غير ذلك قد يأتي بالعكس وحينها ستفقد الخطابات و " الغضبات" رونقها ومفعولها ولن يُعيرها مواطن ولا مسؤول أي اهتمام لأنها تحولت ببساطة إلى وصايا ومواعظ عابرة لا أكثر ولا أقل .
