حزب الصواب ينظم ندوة فكرية في الذكري 33لرحيل القائد المؤسس لحزب البعث العربي الاشتراكي الاستاذ ميشل عفلق

نظم حزب الصواب مساء اليوم بفندق ( أزلاي) وسط انواكشوط ندوة فكرية في الذكرى 33 لرحيل القائد المؤسس لحزب البعث العربي الاشتراكي الأستاذ أحمد ميشيل عفلق، تضمنت تأبينا للمناضل الكبير حمادة ولد اصوينع، أحد قادة الحزب الأوائل الذين انخرطوا مبكرا في النضال الوحدوي على الساحة الموريتانية 1964، ولعب ادوارا تنظيميه وتوجيهية مركزية في بنية الحزب التنظيمية وكان رحيله في منتصف نيسان 2022، حضر الندوة رموز التيار البعثي بمختلف أجياله وجمع من الباحثين والمهتمين بالشان السياسي وعائلة الفقيد، حيث افتتحت الندوة بكلمة للاستاذ الوزير السابق ممد ولد احمد أشاد فيها بخصال الفقيد ودوره النضالي وعصاميته التي مكنته من مواجهة الحياة والنجاح السياسي والمهني والعائلي منوها بدوره الطليعي في نشر الوعي الوطني والقومي خلال الحقب الرمادية المتسمة بالعزلة ومواجهة الانظمة القمعية، ثم قدم نائب رئيس حزب الصواب الأستاذ حمودي ولد ابراهيم كلمة الحزب التالية: بسم الله الرحمن الرحيم
أرحب بهذا الجمع الكريم من الشخصيات السياسية والوجوه الثقافية والفكرية البارزة ومن المناضلين والمناضلات الذين شرفونا بحضور الفعالية التأبينية المُقامةُ اليوم وفاء وإخلاصًا لتاريخ أحد قادتنا و رموز وعينا النضالي والقومي المعاصرين، الأستاذ حماده اصوينع رحمه الله عضو فريق النواة الأولى لحركة البعث لحظة تأهبها الأولى لخوض معركة انتمائنا الثقافي والوجداني بتشكيلة قطت الرقعة المجتمعية والخارطة الجغرافية لموريتانيا مطالبة بالاستقلال والحرية، و نشر أفرادها الصدق العفة والزهد في سلوكهم الفردي قبل أن يطلبوهم من الآخرين.. وقاوموا الظلم، استعمارًا كان أم استبدادًا وارتفعت كلفة عملهم السياسي والنضالي على الدوام ..
أيها الحضور الكريم يسعدنا كذلك أن الندوة تعقد في يوم يصادف الذكرى 33 لرحيل مؤسس البعث وفيلسوف الوعي المعاصر للامة وأكثر أبنائها دراية بشخصيتها ودورها الانساني بين الأمم. مفكرٌ كرَّس حياته من أولها الى أخر نفس فيها ليتحقق حلمه في أمته كما تراءى له، أمة عظيمة تستعيد عصور زهوها وأيام فتوتها، وتسعى لحقها في العيش الكريم دون اعتداد بالاصل أو التفاخر على بقية الأمم، وظل يناضل ويكلل أفكاره بالتضحية والايثار وبدفء قلبه الانساني الكبير، الاستاذ أحمد ميشيل عفلق .
أيها السادة كنت من بين مجموعة من رفاقي في موريتانيا وصلهم نعيه الحزين بمدينة تيشيت ونحن بعمق الصحراء الموريتانية نعيش فصلاً من كوابيس سبحة المحن والتضحيات التي خضع لها من ارتبط بمشروع الامة الفكري المناهض للاستلاب والرجعية على هذا الجزء من الوطن العربي، وصلنا النعي بعد عام في معتقلنا نتظر انقضاء سنواته الخمس النافذة مع الاعمال الشاقة صدر علينا حكمها من سادس محكمة عقدت للبعثيين بموريتانيا بنفس (الجريرة) و التهمة وهي التعبير عن رأيهم السياسي وموقفهم الفكري واختيار وُجهة نظر هم في الحياة، تهمة وصفها الشاعر الخليل النحوي المحكوم قبلنا ب 19 سنوات نافذة في محاكمة 1983 العسكرية حين صدح من زنزانته :
كلُّ من همه الكرامة والمجدُ تعيسٌ بهمه وشقي
ذنبه أنه شريف النوايا ** مخلص للبلاد برٌّ حفي
أيها السائلون عني غضابا** عربي أنا أنا عربي
ليس في جعبتي رصاصة غدر** ليس في الغِمدِ صارم هندي
كـــل ما اقتنيته رأي بسيط** فعلام العتاب ، فيم العُتي
يا رفيقي في الدرب صبـرا جميلا** إن درب الكفاح درب قصي :
لم يكن لدينا ونحن قابعون في سجن صحراوي معزول أي علم بمرض الأستاذ ولا برحلته العلاجية إلى باريز وكان آخر عهد به في لقاء مباشر في احتفالات السابع من نيسان 1986 اثناء زيارة قام بها لاتحاد الطلبة العرب مجسدا بحضوره ثروة ضخمة للامة والإنسانية جمعاء، احسسنا خلال ساعاتها القليلة التي قضيناها معه منصتين اليه، كثافة وغنى تاريخ أمة انجبت الانبياء عليهم الصلاة والسلام والصديقين وآلاف الشهداء والمفكرين والابطال والشعراء.. وسيتأكد لدينا صدق ما أسس من اطروحات فكرية عميقة في أربعينات القرن العشرين، حين أثْبَتَ سير الأحداث مدى نفاذها في فهم الواقع العـربي.
فخورون اليوم بأننا نؤبن في ذكرى رحيله مناضلا جلْداً من جيل الإخلاص للفكرة والتضحية والانقلاب على الذات وتَمَثُّل قيم الحلم الثوري الأصيل ورفض الاجتثاث الثقافي، قامةٌ نهضت ضمن الجيل الاول من مناضلي البعث على الساحة الموريتانية وبقيت وفيةً لخطها السياسي حتى بعد أن تميعت الامور ولم تبق لدى كثيرين الا ذكريات وصداقات مشتركة على حد تعبير الاستاذ محمد يحظيه ولد ابريد الليل، صداقات تنهض في أوقات قلق وأمل وخوف مبني حول قضية عامة لا تهم أحدًا بعينه وإنما كل ضحايا الظلم والاستلاب الذين كان الفقيد من المدافعين بحزم عنهم وعن حقوقهم .
رحم الله الفقيد فقد كان آخر عهد لنا به أيضا في مقر الحزب أثناء دوامه الحزين في أيام تعزية رفيقه الاستاذ محمد يحظيه حين جلس طويلا ليدون تعزيته المقتضبة بخطه في الصفحة 29 من سجل التعازي مختومة بالشعار الذي جمعهما شبابا وظل بريقه يلمع في عينهما شيوخا :
أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة
رحمه الله الفقيد وتاب عليه وأحسن له الجزاء في دفاعه عن المظلومين والانتصار لقضاياهم.
